نهضة رياضية أم نهضة إعلامية- رؤية نقدية للإعلام الرياضي

المؤلف: أحمد الشمراني10.30.2025
نهضة رياضية أم نهضة إعلامية- رؤية نقدية للإعلام الرياضي

في خضم النهضة الرياضية الشاملة التي تشهدها بلادنا الغالية، والتوسع المطرد في قاعدة الممارسين والعاملين في هذا القطاع الحيوي، يظل البعض للأسف الشديد قاصراً عن استيعاب حجم التطور الهائل والنقلة النوعية الجوهرية التي نعيشها، مكتفياً بالانزواء في دائرة اهتماماته الضيقة. هنا تحديداً، أستحضر الفرد كبطل للحكاية والرواية، وذلك لإثراء ذاكرتنا الجماعية ومنحها فرصة التأمل والتفكر العميق.

عندما أستخدم مصطلح "القصور" في هذا السياق، فإنني أرمي إلى التذكير بأمور جوهرية يجب ألا تغيب عن أذهاننا، خصوصاً في ظل النشوة العارمة التي تغمرنا بتأهل منتخبنا الوطني إلى كأس العالم للمرة السادسة. ففي غمرة الفرح، يكون النقد البناء أكثر تقبلاً واستساغة، ويسهم في تصحيح المسار وتقويم الاعوجاج.

ولا ضير في أن أولي اهتماماً خاصاً بالإعلام الرياضي، الذي يجب أن يضطلع بدور محوري في توضيح الصورة، التي قد تبدو ضبابية أو غير مكتملة المعالم لدى المشجع البسيط، الذي يتوق إلى فهم أبعاد المشهد الرياضي بكل تفاصيله.

ولكن، وهنا مربط الفرس، ماذا لو كان الإعلام نفسه جزءاً كبيراً من المشكلة؟ ما هو الحل الأمثل في هذه الحالة؟ سؤال أراه في غاية المنطقية، فكل من يراقب المشهد الرياضي عن كثب، يحق له أن يطرح هذا السؤال، بل وأن يجيب عليه بكلمات قليلة وواضحة: "إنه التعصب الأعمى والانحياز السافر".

أيها الزملاء الأعزاء، هل أنتم حقاً مستوعبون لهذه النقلة الحضارية التي نعيشها في عالم الرياضة وخارجه؟ هل تدركون حجم المسؤولية الملقاة على عاتقنا في هذه المرحلة المفصلية من تاريخنا الرياضي؟

قد يكونون مستوعبين، ولكن من وجهة نظرهم، فإن الدفاع المستميت عن الأندية وحقوقها -كما يزعمون- يمثل أولوية قصوى، ولا بأس في ذلك إطلاقاً طالما أن هناك حقوقاً تستحق الذود عنها. إلا أن المثير للسخرية حقاً هو أن القضايا التي يتبناها هذا الإعلام غالباً ما تكون هامشية وسطحية إلى أبعد الحدود. على سبيل المثال، تجد الهلاليين منشغلين بإخراج النصر بأي طريقة من العالمية، بينما ينصرف النصراويون إلى التأكيد على أن بطولات ناديهم تفوق بطولات الهلال، أما الاتحاديون، فهم منهمكون في الترويج لأهزوجة (كدا.. كدا) على أنها علامة تجارية مسجلة باسمهم. وإعلام الأهلي، فقد انقسم على نفسه، فنصفه ضائع بين الهلال والنصر، والنصف الآخر يختزل قضيته الأولى في معيار ضيق وسطحي: "هذا معنا وهذا ضدنا".

تمعنوا جيداً في القضايا التي انشغل بها إعلام الأربعة الكبار، ومن خلالها ستدركون يقيناً أن الوضع الراهن يستدعي إعادة نظر جذرية، بل إعادة ضبط شاملة، حتى تكتمل المعادلة وتتحقق الأهداف المنشودة.

إن النهضة الرياضية المباركة التي تشهدها بلادنا تحتاج إلى نهضة إعلامية موازية، فالإعلام يمثل جناحاً مهماً من أجنحة هذه النهضة، ويجب أن يخضع للمراجعة والتصحيح المستمر، حتى نتمكن من التحليق بالإنجازات سوياً، والوصول إلى آفاق جديدة من التميز والريادة.

في جعبتي الكثير والكثير عن مهنتنا الإعلامية، بعضه صالح للنشر ويمكن تداوله، والبعض الآخر لا يمكن البوح به أو الإفصاح عنه. ومع ذلك، هناك من استغل البرامج الإعلامية ليطلق العنان لسانه بعبارات نابية ومسيئة، تنطلق بالشتائم وتنتهي بالاتهامات الباطلة، بحثاً عن الترند والشهرة الزائفة. ومن هنا تبدأ عملية الفرز الحقيقي، التي تكشف الغث من الثمين.

أخيراً وليس آخراً، أود أن أؤكد أن أساس المشاكل والخلافات وقطع العلاقات وشحن النفوس هو "نقل الكلام" المغرض والفتنة. فكونوا "صم.. بكم.. عمي" عن الشر، وتجنبوا نقل الأخبار الكاذبة والإشاعات المغرضة، وسعوا دائماً إلى نشر المحبة والوئام بين الناس.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة